الدوحة، قطر – الشرق الأوسط منطقة مضطربة وغير مستقرة منذ أكثر من 15 عاماً، يشكل الإرهاب العابر للحدود الوطنية وموجات السكان المشردين والحروب التي تبدو مستعصية تهديدات عالمية تؤثر على البلدان البعيدة عن المنطقة.
نحن في قطر نؤمن بأن الأزمات في الشرق الأوسط مترابطة وتتطلب حلولاً شاملة، وأننا لن نسترد السلام والاستقرار حتى توافق بلدان المنطقة على العمل معاً للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن التحديات الرئيسية بما في ذلك تأثير الطائفية الذي يزعزع الاستقرار وارتفاع بطالة الشباب وحاجتنا المشتركة لتنويع اقتصاداتنا المعتمد على الطاقة.
ولكن في الوقت الذي يجب أن يتحد فيه الحلفاء العرب في مواجهة فظاعة عمليات القتل الجماعي في سوريا والحرب المتصاعد في اليمن وإعادة بناء مؤسسات الدولة في ليبيا والعراق، اختار بعض اللاعبين الإقليميين ملاحقة مظالم تافهة وطموحات أنانية تقوض وحدتنا. الدليل؟ الحصار المفروض على بلدي.
تعرضت قطر خلال العام الماضي لحصار طائش وغير مدروس فرضته أربع دول: المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر. شعرت هذه الدول بالتهديد من قبل سياسة قطر الخارجية المستقلة وكان ردهم أغلاق حدودنا ومنع الرحلات الجوية إلى بلادنا، ربما توقعت الدول المحاصرة أن تخضع لهم قطر وإذا كانت هذه نيتهم فقد عادت جهودهم بنتائج عكسية.
قطر اليوم أقوى مما كانت عليه قبل عام. في غضون 24 ساعة من فرض الحصار أنشأنا بسرعة مصادر جديدة ومسارات بديلة أكثر استدامه للسلع الأساسية مثل الطعام والدواء، وفي الأسابيع والأشهر التي تلت وقعنا عقوداً جديدة طولية الأجل للتعاون الاقتصادي وقمنا بتسريع خطط لتنويع اقتصادنا عن طريق تقليل اعتمادنا على مواردنا الهيدروكربونية. وبعد أشهر من الحصار أفاد صندوق النقد الدولي في أكتوبر الماضي بأن قطر كانت الأسرع نمواً في الخليج.
وفي هذه الأثناء لا يزال الشرق الأوسط في حالة اضطراب. وحدت حكومة الرئيس بشار الأسد السلطة في سوريا والتي تغير المشهد الإقليمي والجيوسياسي، ولقم قام الفلسطينيون المحاصرون في غرة بالاحتجاج وبذلك سلطوا الضوء على اهتمام جديد وهو الحاجة إلى خطة سلام عملية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بينما يدخل الحرب في اليمن عامة الثالث تاركاً خلفه عشرات الآلاف من القتلى ودون نهاية قريبة. جميع هذه القضايا مهمة لشعب شبة الجزيرة العربية وجميعها تنادي من أجل صوت عربي موحد.
قطر تؤمن بأن المخاطر كبيرة والوقت محدود للغاية للتركيز على الاختلافات بين الدول العربية، ومن الواضح أن الإدارة في واشنطن تشاطر هذا الرأي، وشدد نظيري وزير الخارجية الأمريكي السيد مايك بومبيو على أهمية وحدة الخليج، وأعرب الرئيس ترامب مراراً وتكراراً عن رغبته في رؤية حل للنزاع الخليجي، ويتفق الجميع على أن الوقت قد حان لكي ينتهي هذا الفصل المؤسف من تاريخ الخليج.
لقد أدى الحصار المفروض على قطر (الذي ينظر إليه الآن على نطاق واسع على أنه مبني على ادعاءات كاذبة) إلى تقويض استقرار الشرق الأوسط، والآن يجب أن يكون واضحاً أنه لا يمكن أن يكون هناك "فائز" في هذا النزاع، لذا لقد حان الوقت لكي تتخلى الدول المحاصرة عن أوهام النصر وإعطاء الأولوية للمصالح الأمنية للشرق الأوسط بأكمله وإنهاء الحصار.
ترى قطر أن دول الخليج بحاجة إلى وضع إطار جديد لتعزيز الأمن والسلام. تاريخياً، لقد لعب مجلس التعاون الخليجي (منظمة تنظم إليها ثلاثة من الدول المحاصرة) دوراً لتحقيق الاستقرار في الشؤون الخليجية، ولكن لم يكن من المتوقع من مجلس التعاون الخليجي أن يعمل كمحكمة إقليمية أو مجموعة دعوة أو هيئة لصنع السياسات.
تتطلب القضايا التي تواجه دول شبة الجزيرة العربية منصة أوسع للحوار والتفاوض، وتؤمن حكومة قطر أن بإمكان اتفاقية إقليمية جديدة -غير مرتبطة بالخلاف الحالي- أن تعيد القيادة والسلطة الإيجابية السابقة وأن من شأنها أن تساعد منطقتنا على مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية التي نواجهها، وترى قطر أن الجمود الحالي في دول مجلس التعاون الخليجي بالأخص يسلط الضوء على الحاجة الملحة لمثل هذه الاتفاقية.
ونأمل أن تسود الحكمة وأن ينضم إلينا جيراننا في إنشاء آلية جديدة لتعزيز مصالحنا الأمنية الجماعية والنهوض بقضية السلام، ويمكننا من خلال إعادة وحدة الخليج وإقامة إطار جديد لحل النزاع أن نجعل منطقتنا والعالم أكثر استقراراً وأمناً.